أسئلة بلا جفون
شعر: عمر إدلبي
لن أرتدي ثوبَ القصيدةِ عاشقاً
أو أحتفي
بتناثرِ الصّورِ الشفيفةِ
من مجرّاتِ الخيالْ.
لا ماءَ في شفتي
وطعمُ الغيم يسكنُ بيتَ ذاكرتي،
أنا ظمئٌ
وأطفو فوق نهرٍ من زلالْ.
حزنٌ أنا
لا دمعَ يسندُ ما تبقَّى
من تشقّقِ مقلتي،
يا أمُّ
فانتبذي بقلبيَ كفَّ من يدري
ليخفقَ بالإجابةِ
عن تباريح السؤالْ.
ماذا يسمّيكِ الهطولُ
إذا نَسيتِ مواسمي
تشقى بوهجِ الرّيحِ
تذروها احتضاراتُ الغيومِ؟
ماذا أسمّي قامتي؟
حتى أُبعثرَ أسطرَ الأحزانِ
عن شباكِ تاريخي
فيفضي للنجومِ؟
أنا شرفةُ الأوجاعِ يا أمي،
المدينة أحرقتْ عاداتُها
لوزاً بقلبي
كنتُ حمَّلني سلامَ قرايَ،
حمَّلني أغاني النعنعِ البريِّ
كي يصفو خليطُ رؤايَ
في سفري
على جنح السديمِ.
أين الفضاءاتُ الرّحيبةُ
كي أزفَّ نواسخي الزّرقاءَ
للأقفاصِ والزردِ الرّجيمِ؟
أمشي ويَمْشي في خُطايَ
سَرابُ أرغفةِ السّماءِ
ولا يعانقُ خلْوَتي
إلا رصيفُ الجوعِ
يثقبني رصاصُ العابرينْ.
طينٌ أبادِرُهُ العناقَ
فيطلِقُ المنْفى عَلى قَلْبي
ويزهق في فضاء الرّوحِ
أسرابَ النوارسِ
فاعذرِيني
إنْ كفرْتُ بما تنَزَّلَ
في كتابِ الطيّبينْ.
أنا مثخنٌ برصاصِ مَنْ أهْوى،
يعلّقني الرّفاقُ
عَلى حبالِ الغدْرِ،
ثم تحفُّني
أصداءُ حزني السّرمديِّ،
فمَنْ رآني تخلقُ الأنهارُ عَيَني
لابساً توتَ العفونَةِ
فلْيبعثِرْ فَحْمَهُ عَنْ مُقْلتيهِ
وعندَها،
أدعو لكوخي الشّمسَ
مزهواً بمائدةِ السّنابلِ
والسّنا.
أنا مثخنٌ بالكيّ،
والأحكامِ،
والحكمِ العتيقةِ والسِّياطِ،
فأين موّالُ الزّنابقِ؟
أين بوحُ الميجنا؟
لا بُدَّ من لغةٍ تطوّقُ يقظَتي
وفتورَ برقِكِ،
هَلْ تَريْنَ ضفافَ دفئيَ
ترتدي سيلَ اليماماتِ القصيَّةِ؟
كم أحبُّكِ لو ترينَ
اللّيلَ يغزلُ صبحَهُ
بأصابعي سجادةً للسوسنه.
أيُّ العيونِ تحبُّني؟
يا أمُّ
كي أشتقَّ جمعَ محبتي لرموشها
من مفْردِ الماضي الكحيلِ؟
ومتى سيملأ لي هديلُ الفجرِ
فنجاناً
من الصَّحْوِ المعتَّقِ بالنخيلِ؟
وأظلُّ أرشفُ لونَ قُبَّتِهِ
ويرشُفُ لوْعَتي
بشفاهِ زرقتِهِ النديّةِ
من رحيقِ السّلسبيلِ؟
أيحقُّ لي
تفسيرُ آياتِ الظلام
لِكَي أعقَّ بُنُوَّتِي
لحدودِ رجْمِ السَّاهرينَ
على المَطَرْ؟
أيحقُّ لي
تكويرُ جدْرانِ الخديعَةِ
كيْ تدحرِجَهَا الأماني الزّهرُ
عن صَدْرِ البرَاعِمِ والنَّدَى؟
أيحقُّ لي وَأدُ الرّؤوسِ الجاهليّةِ
كي تصافحَنِي النبوَّةُ والمدى؟
أيُّ الجهاتِ تخونُ قلْبيَ
كي أُحبَّ شروقَ جارَتِها
وأقطفَ موعدا؟
مَنْ لي بفاتحةِ الجوابِ
فقد أرتّلُ في صَلاةِ الشكِّ
آياتٍ تورّثني الهدى؟
لا صوتَ إلا ما تربَّعَ
فوقَ عرشٍ من صَدَى.
ل ا
ص و ت إلا
م ا ت ر ب ع… ف و ق
ع ر ش
م ن ص د ى
(نيسان 1998)
***