تصريحات ولقاءات

أرفض الاستعراض التلفزيوني وثورتنا نقية كالشهداء

  • أورينت نت – حاورته :سرى علوش

أثار لغطاً كبيراً منذ بداية الثورة في سوريا في الأوساط السياسية والإعلامية والثقافية. اتهمه بعض رفاق القلم بالخيانة, وبعد ظهوره الإعلامي المتكررشكك كثيرون بتاريخه السياسي واعتبروه دخيلاً على الميدان. اتهمه البعض بالبعثي القديم الذي انقلب على السلطة بدافع المصلحة. وأفرد موقع الحقيقة -التابع لنزار نيوف والمختص بتلفيق الفضائح- أكثر من تحقيق للحديث عن إدلبي ونشاطاته وحساباته المصرفية وتهريبه للسلاح والجهاديين إلى الداخل وعلاقاته (بدول المؤامرة) أيضاً كما فعل مع غيره من النشطاء.
شاعر وحقوقي عمل في الصحافة المكتوبة. اعتقل للمرة الأولى عام 1991 أثناء خدمته العسكرية من قبل المخابرات العسكرية, واعتقل بعد ذلك عدة مرات بين عام1994وعام 2009على خلفية نشاطه السياسي المعارض للنظام. انضم إلى إعلان دمشق, وأصبح عضواً في المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي عام 2006. من أوائل الأشخاص الذين تمت ملاحقتهم والتحقيق معهم من قبل الأجهزة الأمنية قبل انطلاق الثورة بأيام. غادر سوريا متخفياً بعد اندلاع الثورة بأشهر ليعود بعدها مرات عديدة متخفياً أيضاً للمشاركة بالحراك. أسس مع بعض الناشطين لجان التنسيق المحلية في الأول من شهر نيسان عام 2011 وهو الناطق الرسمي باسمها حتى الآن. يدير إدلبي الآن شؤون السوريين المقيمين في قطر عن طريق لجنة شؤون الجالية السورية والتي تسمى الآن بالقسم القنصلي في سفارة الائتلاف التي تسلمت مهامها منذ أيام. أورينت نت التقت عمر إدلبي وكان الحوار التالي:

-عمر إدلبي الوجه الإعلامي الحاضر بقوة على الشاشات منذ بداية الحراك أين اختفى وماهي أسباب اختفائه, وهل هذا الغياب منوط بدورك كناطق رسمي للجان التنسيق أم هو خيار شخصي؟

الظهور الإعلامي يجب أن يكون بهدف، وإلا فإنه يتحول إلى استعراض ، ولأنه ليس دائما هناك ما يقال، ألبي دعوة وسائل الإعلام حين يكون ذلك ضرورياً، وبما أن التطورات الميدانية هي الأكثر حضوراً على الشاشات الآن نرى في لجان التنسيق أن تغطية هذه التطورات من اختصاص الناشطين الميدانين.

-هل هذه الثورة نظيفة, أم هناك مؤامرة فعلاً لكن الثوار يتعمدون تجاهلها لكي لا تضر بمصداقية حراكهم أمام الرأي العام؟
ثورتنا نظيفة نقية كنقاء دم شهدائها ودمعات أمهاتهم وأمهات وزوجات وحبيبات وأخوات معتقلينا. لو لم تكن هذه الثورة نظيفة لما صمدت عامين في وجه محاولات لا تنتهي لتشويهها, ولو لم تكن سورية خالصة لما ازداد دعم الحاضنة الشعبية لها طردا مع ازدياد الضربات المتعمدة من قبل نظام العصابة لهذه الحاضنة الشعبية .

ولكن، هنا يمكن أن نقول: القضية السورية لم تعد سورية خالصة، فهي تحولت إلى صراع دولي وإقليمي، نتيجة السياسة الإجرامية التي اتبعها نظام الأسد في مواجهة الثورة، مما وضع سوريا وشعبها في مواجهة مفتوحة، داخلية مع عصابة لم تهتم يوماً لكرامة المواطن ولسيادة البلد واستقلاليته، وخارجية مع مطامع دولية للهيمنة على الوطن ومحاولات إقليمية للتطاول على سوريا، وأعتقد أن الثورة حتى الآن تؤدي جيدا في مواجهتها المزدوجة.

-إذاً والحالة هذه لماذا تقاعس نسبة لا بأس بها من السوريين عن دعمها؟
أن لا يدعم البعض الثورة فهذا لا يعني أبدا أنه يدعم النظام. من أبرز أسباب التردد في دعم الثورة هو الخوف من بطش النظام، الاستعداد لمواجهة الخطر والتضحية ليس متساوياً بين الناس كافة وعلينا أن نتفهم ذلك، فالضعف فطرة بشرية قد تكون مرذولة في مثل هذه المواجهة التي تحتاج قدراً من الوعي الأخلاقي قبل السياسي حين نفكر باتخاذ موقف من صراع لا لبس فيه بين الضحية والجلاد، وهناك فئة قليلة من السوريين تدعم النظام لأسباب طائفية أو مصلحية، ودعمها للنظام أقرب ما يكون للاعتقاد الأيديولوجي.

-يقال إن الثورة السورية خسرت كثيراً من العاملين فيها أو المؤيدين لها بسبب ما يحدث من عمليات خطف وقتل وتفجير وبسبب انتشار الجماعات المسلحة هل هذا الكلام دقيق, وماهو رأيك بانتشار السلاح بهذه الكثافة؟
الثورة خسرت قبل كل ذلك مئات النشطاء السلميين ومدنيين أردتهم أسلحة عصابات الأسد، هذه نقطة جوهرية يتجاوزها الجميع الآن، وينتقدون النتائج متناسين الأسباب التي دفعت جنودا سوريين شرفاء للانشقاق عن قوات الأسد وحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم وعن المظاهرات السلمية، ومن انصرف عن دعم الثورة بسبب ظهور نشاط مسلح لها فهو يبحث عن ذريعة لخوفه، فالنشاط السلمي لم يتوقف، لماذا يتخلى عنه ويتجه إلى موقف سلبي؟

انتشار السلاح ردة فعل طبيعية، بل ويمكن القول إن تأخر السوريين في حمل السلاح بمواجهة ميليشيات النظام المجرمة سلوك في قمة الرقي والمدنية، السوريون منحوا النظام فرصاً بالجملة ليتقوا شر حمل السلاح في مواجهة سوريين مثلهم، ولأن السوريين شعب مدني محب للحياة، فأنا مطمئن كثيراً إلى أنهم سيتركون هذا السلاح ويتجهون إلى رعاية شؤون عائلاتهم ما إن يطيحوا بالنظام.

-يقول أحد الآراء السائدة إن دور جبهة النصرة هو الأهم على أرض المعركة وإنها حققت انتصارات لا يستهان بها ويعول هذا الرأي عليها في تحقيق النصر؛ كيف تقيم هذا الرأي وهل تتشارك مع الرأي الآخر المخاوف على مستقبل سوريا من النصرة خاصة وأنك تلقيت تهديداً بالتصفية منها, وهل ترى أن دخول جبهة النصرة على خط الثورة كان لمصلحتها أم كان سبباً لازدياد مخاوف الأقليات وإثبات وجهة نظر النظام؟
حذرنا منذ بداية الثورة من محاولات النظام حرف مسار الثورة عن سلميتها، ومن سعيه إلى دفع الحراك الشعبي الثوري نحو التطرف، وأن إطالة أمد الصراع سيفتح الباب لنمو مثل هذه التيارات المتطرفة في مجتمع لا يشكل أبداً بيئة مناسبة لنموها في الظروف العادية، ولكن، يبدو أن العالم أجمع يرى مصلحته في تحول هذا الحراك المدني إلى صراع عنفي. جبهة النصرة كباقي كتائب الثوار، هدفها الأول إسقاط نظام الأسد، مع فارق في الخبرة القتالية تجعلهم أكثر تأثيراً رغم قلة عددهم، وما يجعلنا نشعر بقليل من الخوف هو وجود أهداف بعيدة لهم لا تلتقي مع أهداف ثورتنا في إقامة دولة الحرية والمواطنة، هذه المخاوف لا علاقة لها بمخاوف المجتمع الدولي منهم، ولا تنطلق من التضخيم الإعلامي المريب لنشاطهم، أما تخوف الأقليات منهم، فهو محل نظر، إذ يشوب خطابهم التشنج والاستعداء للأقليات، ولكن لا خوف على سوري في سوريا المستقبل، لأنها ثورة على الظلم، هدفها دولة تحترم كل أبنائها.

-لماذا فشل المجلس الوطني بأداء مهامه وتمثيل الشعب السوري الثائر, ولماذا فشل في الحصول على دعم واعتراف دوليين, وهل سيستطيع الائتلاف تحقيق ماعجز عنه المجلس؟
المجلس الوطني، ومثله الائتلاف، جرى تشكيلهما على نحو يشوبه الخلل، ويكرس العطالة، إذ أن ثقافة العمل بروح الفريق لم تكن سائدة في كلا التشكيلين، أما السبب الأهم فهو تخاذل الدول التي تسمي نفسها (أصدقاء الشعب السوري) عن تقديم الدعم اللازم لإنجاح عمل المعارضة، فالموقف الدولي حتى الآن بعيد جدا عن العمل الجدي باتجاه دعم الثورة لإسقاط النظام، فهو واقف على عتبة الحوار الذي يفسره الأسد فرصة لإسقاط الثورة.

– هل من الممكن أن تتخلى الدول الداعمة للثورة عنها كما تخلت قبل الآن عن صديقها الأسد؟
هناك دول دعمت الثورة قولاً وفعلاً، ولن تتراجع عن دعمها تحت أي ظرف، لأن موقفها هذا أتى عن قناعة كاملة بأن بقاء نظام الأسد يهدد مصالحها ويهدد الاستقرار المنشود في الإقليم، ونحن لم نعول أبداً على دعم الثورة السورية من أحد بدافع أخلاقي أوإنساني، لأننا نعي أن سياسة الدول في تعاملها مع هكذا قضايا تحكمها المصالح أولاً وأخيراً.

-إشارات استفهام كثيرة نرفعها برسم دول تساند الثورة السورية وتدعم حقوق الشعب السوري بتغيير سياسي لكنها أغلقت أبوابها في وجه السوريين الفارين إليها, هل تملك تفسيراً لذلك؟
بحكم تواصلي مع قيادات بعض هذه البلدان أعرف أن الأسباب أمنية بالدرجة الأولى، واجتماعية تتمثل في تدفق بشري كبير يشكل بعاداته وتقاليده خطراً (مزعوماً) على ثقافة وعادات المجتمع المستقبل للاجئين، طبعاً هذه ليست مبررات مقنعة لنا، خاصة أن لنا تجربة كبيرة في سوريا في استقبال ملايين اللاجئين. نأمل أن يتعامل مسؤولو هذه الدول مع معاناة شعبنا بمنطق بعيد ما أمكن عن حسابات زمن الرخاء.

-يعتبر ثوار سوريا اليوم الجيش السوري خائناً, كيف يرى السياسيون مصير الجيش السوري بعد سقوط الأسد؟
الجيش السوري لم يكن في زمن عائلة الأسد جيشاً وطنيا، وارتكابه جرائم بحق الشعب السوري الثائر يجب ألا يمر دون محاسبة، وإعادة هيكلته على أسس وطنية تجنبه الولاء لشخص أو عائلة أو حزب هو أمر من أهم الأولويات.

-ألا ترى أن النسيج السوري تهتك كثيراً وأن هناك مآزق شعبية وإنسانية لا يمكن الخروج منها بخروج الأسد من السلطة, وأن الأحقاد والجراح الكثيرة في الجسد السوري جعلت مستقبل البلاد في خطر؟
أرى الكثير من المخاطر تتهدد الوطن وشعبه، وأشعر بالقلق على مصير ترابط المجتمع السوري في حال ما إذا مضت الأمور بلا حساب للمسؤولين عن قتل السوريين, فالمسامحة المطلوبة للمضي قدماً نحو مستقبل مشرق لسوريا لن تكون ممكنة قبل تحقيق العدالة التي تجنب شعب سوريا خطر الانتقام.

الكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *