البوح على صدر أمي
شعر: عمر إدلبي
كان اللّقاءُ بسوسناتِ ربيعها
ميعادَ بوحٍ خافقٍ
بندى الحنينْ.
كانت أناملُها الحريرُ
سواحلاً خضراءَ
للشَّعرِ الملبّد باحتراقاتِ السّنين.
حين ارتميتُ على سنابلِ صدرِها
غَمَرَتْ عوالمَ نوحيَ المهزومِ
هالاتُ الضّياءِ،
كأنها جفنان يختصران
رحلةَ أدمعي،
أو وهمُ حوريّاتِ جِنٍّ لاهياتٍ
يرتوينَ من المخبّأ في جرارِ مخاوفي،
كعرائسٍ يُنشدنَ أغنيةَ الزفافِ
تماوجت أطيافهنَّ
سكبن في أخدودِ شوقي
رعشةً من كوثرٍ
عَزَفَ اشتعالَ تلهّفي
من أنتِ؟
حتّى صرتُ جدولَ ضفتيكِ
أراهما تتعانقانِ
أَمُدُّ صحوي نحو وهجهِمَا
لأحظى بالمراسي،
لوزُ كفّيكِ المرافئُ،
إن دنا تدنو غيومي.
من أنتِ
كي يبكي فؤادي
كلّمَا أرهقتُ صوتَكِ بالنّداءِ
وكلَّمَا أَرسيتِ بوحَكِ
طاعناً بالعشقِ في مسرى همومي؟
من أنتِ؟
كي يأوي هديلُ سنابلي
لمدائنِ الرّيحانِ
في أثداءِ غيمتِكِ الهَطُولِ
ويبتني في شرفةِ الرّغباتِ
مملكةَ الحواسِ
وينحني في حضرةِ الينبوعِ
طفلاً من مطرْ؟
صدراً يباركني عرفتُكِ
عندما أسرى هواكِ بأمسياتِ الياسمينِ
ليجدلَ الفرحَ المندّى
في خدودي
فامنحي لونَ الرؤى أمداءَهُ
لأبوحَ باللّيلِ المعرّشِ
فوقَ أوتار الفؤادْ.
لم لا يغادرني اغترابُ سحابتي
إلا إذا افترشت أناملُك المواسمَ
في قطوفِ شقاوتي،
وتورَّدت حلماتُ عزفكِ
في الشفاه؟
(ربيع العام 1996)
***