كاف … نون
شعر: عمر إدلبي
كنْ كما يشتهي الحبُّ ،
لا الأرضُ محفوفة بالقيامةِ ،
لا النار واقفة في العراءِ
تمدُّ لسانَ الحسابِ
لشهوتكَ الوارفهْ .
كنْ نبيّاً
تبشّرُ بالياسمينِ
ليستدرجَ العبقُ المخمليُّ
الفراشاتِ من سكراتِ الغيابِ
فتسكن أحلامُك الواجفهْ .
دوَّختني المنافي ،
فهيئ لعمريَ يا قلبُ متسعاً ،
ربّما غاب موتي كثيراً
وظلّت سواقي دمي
تلثمُ الصخرَ في جبل الوقتِ
فيما تبقّى من الماءِ في نهرهِ ،
ربّما ضلَّ صيّادُ أعمارنا
بابَ بيتي ،
فألقى الشِّباكَ
على وجه جارتنا الخائفهْ .
فلتهيئ إذن
في أعالي سماوات روحكَ
متّسعاً لعصافير قادمةٍ ،
كن حنوناً
على ريشها الذهبيّ ،
أَباً لانعطاف تقلّبها العبثيّ ،
وكن عاشقاً
لحوار مناقيرها الحمرِ
فجراً
قبالة نافذةٍ
خبّأت بالستائر فوضاكَ
عن نظرةٍ خاطفهْ .
كم صباحك وردٌ
ويجرحه الصمتُ ،
يكبر عمرُكَ حزنينِ
حين تباعد بين شفاهكَ
والأغنياتِ ،
وحين تباعد بين قصائد شعركَ
والحبِّ ،
بين حدائق وردكَ
والنزهاتِ على صدر أنثاكَ ،
يكبرُ وجهُكَ سحرينِ
حين كطيفٍ
تغادرُ منزلَ بوحكَ
تترك بوصلة الدمعِ
تنزف أوجاعَها
جهةً .. جهةً ،
فيصير المدى العذبُ
في جهة القلبِ ،
كن مثلما تشتهي
حين تدهمك العاصفهْ .
من أغانيك تثمل أرجوحةُ الروحِ
يا قلبُ !
ينجذب الكونُ للضوءِ
والنهرُ للبحرِ،
ينجذب الخلدُ
للسنديان الوريفِ،
لذا قيل في الجنة المشتهاةِ
يخضّبها شجرٌ باسق الغيمِ
مثل جبين السماءِ
ويشهق مثل رؤاكَ
إلى آخر العمرِ ،
تطفو على كوثرِ الماءِ
تصحو على خمرةٍ
قطّرتها جرارُ الحسانِ
ويهطل من ظلها
عطرُ أحلامنا ،
فابتعد بالأماني
على جنح خمرة روحكَ
وأملء دنانكَ
من عذب عزفكَ
واشربْ
ترى الكونَ
تفاحةً باتساع ِ يديك
ويسقط حين
تسلّمه ليدٍ راجفهْ .
* * *
ربيع العام 2002