تأخرت عني كثيراً
شعر: عمر إدلبي
كم أحاولُ
أن لا أضمَّكِ عندَ الصباحِ
لئلا تطيرَ عصافيرُ شوقي
مبكِّرةً عن غصون حنيني .
كمْ أحاولُ
ألا تبوحَ لعينيكِ أوتارُ عيني
بسرّ الأناشيدِ ،
كيما يظلَّ قليلٌ من السحرِ
في عزف صدري
إذا تغمريني .
أقنعُ القلبَ أن كثيراً من النبضِ
يُدنيكِ من شوقهِ ،
ثم أبتكرُ الطرقاتِ الطويلةَ
إمَّا تلوّحُ زنبقةٌ بشذاها لألقاكِ ،
أختلقُ الأصدقاءَ مصادفةً
في دروبي ،
لأسألَهم ما سأشردُ عن شرحهِ ،
فجأةً
أتنبَّهُ أنَ أصابعكِ الفلَّ
تنزف صبرَ انتظاركِ
وهي تداعب فنجانَ بنٍّ
فتأخذني غيرتي وجنوني .
صدّقيني تأخرتِ عني كثيراً
تأخّرتِ عشرينَ حزناً
قبيل تفتّحِ روحي
على وقت حبكِ ،
ها قد مضى أكثرُ الماءِ في النهرِ
مستعجلاً سكرةَ البحرِ ،
يا للغرابةِ !!
أُبصرُني الآن طفلاً
وقد ألبسَتْني الشواطئُ
رملَ الثلاثينَ ،
أُبصرني أتقرّى بغنجٍ أمومة صبركِ
حين على شرفة البوح بالحبِ تنتظريني .
لم أكنْ لأرى الفجرَ
لولا مصابيحُ علّقها نورُ وجهك ِ
في ثوبِ هذي السماواتِ ،
حتى الفراشاتُ كانت تظلّلُ
بالرقصاتِ خطاكِ
وتتركُ طرحةَ سحرٍ نديٍّ
ترفرفُ فوق حدائق موعدنا ،
كانت الأرضُ
تمسكُ قرصَ الزمانِ
لئلا يسرِّبَنا الوقتُ من راحتيها ،
وتُمضي سَحابةَ دورتها
تحرسُ الهمساتِ الحنونةَ
مزهوةً بثواني العناقِ ،
وتقترحُ السوسناتُ عليَّ مناديلَها البيضَ
أجنحةً لاختطافِ النجومِ ،
فمن أنتِ حتى أسميكِ بيتي
يطمئنني من ظنون السوادْ ؟
هل تراني قطفتكِ من فصلِ دفءٍ
لأُعطيَ طفلَ قصائدِ روحي
لزنديكِ حين أُطيلُ البعادْ ؟
لا يبوحُ ليَ الغيمُ بالسرِّ
من أسألُ الآنَ
عن كوثرٍ يتصاعدُ من شفتيكِ
إلى قمةِ الأرجوانِ ؟
أأسألُ زهرَ البساتين عنكِ ؟
أم القمرَ المتشاغلَ عن ليلهِ بجبينكِ ؟
أخشى افتتانَهما بصباكِ ،
وأخشى من الوردِ أن يصطفيكِ عطوراً
كما غربتي تصطفيكِ البلادْ.
كم أحاولُ أن لا أضمّكِ
كي لا أُحسَّ بنا اثنين ِ،
كيف تُراني أضمُّ الفؤادْ ؟
* * *
نيسان 2002