ســــــلاف
شعر: عمر إدلبي
بعد زغرودةٍ
وكثيرٍ من الياسمينِ
المحلِّقِ حول نداكِ ،
سيصعد حلمٌ بك الدرجَ اللؤلؤيَّ
إلى قفصٍ ذهّبتْهُ العصافيرُ بالشمسِ ،
فانتهزي نومَها فوق زنديكِ
حتى تُسِرَّ لروحكِ بالضّوءِ
قبل الغروبْ .
دلّلي قمرَ الليلِ
حتى يكون وفياً لحلمكِ ،
غطّيهِ بالوردِ والغيمِ
حتى يحطَّ كنورسةٍ في يديكِ
ويذرفَ لونَ السماواتِ فوق جناحيكِ ,
غطّيه من بردِ وحدتِهِ
بحريرِ قناديلكِ الخضرِ
حتى تنامَ جدائلُ فضّتِهِ
في سرير الصباح الرحيبْ .
بعد دمعٍ وغصّةِ روحٍ
ستَبدينَ أبعدَ من نجمةٍ
عن أصابعِ سهرتنا ،
ونقول مساءً :
هنا كان فلٌّ يهزُّ غصونَ ابتسامتنا
ويرفرفُ حولَ تهامسنا
طامعاً بالمزيدِ من السِّرِّ ،
كم سيكونُ المكانُ فسيحاً
ولا تستطيع العيونُ المسيرَ
بوحشتِهِ
دونما دمعةٍ تتعثَّرُ
من حزنها بصداها !!
وكم سيفتشُ عنكِ شروقُ غدٍ
ليقولَ : صباحُك مسكٌ !
فمن سيعلّمهُ النورَ بعدكِ ؟
من سيدلُّ خطاه على الكونِ
بعد الغيابْ ؟
كم سيبدو الهواءُ قليلاً !
ثقيلاً على الروحِ
حين تلمّينَ من رمشهِ
أرشقَ النَّسماتِ
لحملِ البياضِ بثوبكِ ؟
ماذا ستُبقينَ للقلبِ بعد الزَّغاريدِ ؟
من سيرتِّبُ ريشَ السَّريرِ
لعصفورةِ الوشوشَاتِ ؟
وماذا ستُبقينَ بعد الزغاريدِ ؟
أرجوحة من دموعٍ
تنوسُ بأحزاننا ؟
أم نواقيس في البالِ
تدعو صدى الذكرياتِ الحبيبةِ
من كل حزنٍ عتيقٍ
تعلَّمَ كيف ينامُ إذا ضمَّهُ الإخوةُ الطيبونَ
إلى صدرهمْ
سهرةً وكثيراً من الحبِّ ؟
ماذا ستُبقينَ للقلبِ
بعد الزَّغاريدِ
يا باقةً شكّلتْ عطرَها
تحتَ مرأى ورودِ الإلهِ
ونامت إلى آخرِ الزَّهرِ
تحتَ ظلالِ يدينا ،
وحين أفاقت جُنَينَةَ سحرٍ
مضَتْ مثلَ غمزةِ برقٍ
وغابتْ ككذبةِ ماءٍ بكفِّ السَّرابْ ؟
لم نكنْ طيّبينَ بما كان يكفي
لنغمرَ وجهَكِ بالوردِ
حتى يمرَّ حمامُ الغرامِ سلاماً وبرداً
فلا يتنبَّهُ من نجمتينِ
تضيئانِ فوق خدودكِ
أنَّ غصونَكِ جنَّتُهُ ,
لم نكن طيبينَ بما كان يكفي ,
إذن عاقبينا
بما يستحقُ الصغارُ
من الحبِّ ،
أو عاقبينا بطوقِ عناقٍ
يهدهد أدمعَنَا فوق زنديكِ،
مُرّي ولو نسمةً
لنقولَ :
نحبُّكِ أكثرَ ممّا نظنُّ ،
وأكثرَ ممّا تريدُ السّماءُ
لزرقتِها أن تنامَ
فتصحينَ في يدها قمراً ،
ونحبُّك أكثرَ ،
أكثرَ من دمعِها
في بكاءِ الضَّبابْ .
* * *
1/5/2002