عند متابعتي لشاشات التلفزة وهي تنقل وقائع تظاهرات جمعة ابطال جامعة حلب بتاريخ 19 ايار مايو 2012،نقلت قناة الجزيرة بث مباشر من سورية ،صور مباشرة لتظاهرة القصير، وفي المنصة لمحة صورة لشاب طويل القامة اسمر المنكبين، لكن بروز الشعر الاسود الذي غطي دقنه الغير محلوقة منذ عدة ايام، ولم اصدق عيني للحظة الاولى، وعندما فركتها عدة مرات في حركة غير ارادية ،وفتحت اذاني لسماع صوت الخطيب في جمع المتظاهرين ،فوجدته على شاشة التلفاز انه صديقي السوري الثائر عمر ادلبي.
عمر ادلبي يخاطب في الجمهور الثائر في ساحة مدينة القصير السورية ،القصير مدينة سورية من قضاء حمص المحاصرة من قبل نظام الاسد منذ اليوم الاول لمشاركتها في الانتفاضة السورية البطلة، القصير معاقبة كسائر المدن السورية المحتجة والمنتفضة ،على نظام الدكتاتورية والاستعباد الفردي والعائلي .
كنت اعرف بان عمر ابن حمص ثائر ومحتج وملاحق من النظام لأنه رمز من رموز هيئة الحراك الثوري
عرفته مناضلا قويا وعنيدا من ابطال الثورة السورية، من الشباب الذين يتحدون نظام الدكتاتور بصدورهم العارية ،وقوتهم الجبارة بالرغم من آلة الموت التي يمتلكها النظام السوري ويمارسها يوميا . تنقل عمر بين لبنان ومصر وتونس ،وكلنا شاهدنه على شاشات التلفزة العربية المختلفة ،مدافعا عن الشعب السوري والثورة السورية ،وناطقا باسم الشباب الثوري السوري في الداخل ،فكان عمر الاعلامي العنيد الصادق والصدوق ،كان الناشط السياسي الرسمي من خلال عضويته في المجلس الانتقالي السوري ، عمر المواطن الصحافي السوري الذي يمارس حقه في نقل المعلومة الى كل الاماكن الاعلامية ،لقد مارس دوره كناشط على “الفيس بوك ” لشرح معاناة الشعب السوري ، ولنقل افكار واهداف الثورة ،التي يحاول افراغها من محتواها ومضمونها. وتحويلها من ثورة سلمية ذات مطالب حقيقية ،الى ثورة تخدم الارهاب من خلال حملات النظام التي لا تكل ولاتمل .
لقد شاهدة عمر في العديد من المقابلات واللقاءات الهوائية المباشرة ، هادئ يعلل ويناقش بهدوء بالرغم من غليان الدم في عروقه، عمر ابن حمص مدينة الثورة، ومدينة الشهداء ، بالرغم من آلمه وحزنه الكبير على اهله وشعبه واقربائه ورفاق درب ثورته، لكن عمر يتمتع بقوة في المقاومة بالرغم من هلهلة الدموع المستمرة من عيناه حزنا وآلما على سورية وشعبها ،لكنه مقاوم مناضل وشجاع . اصعب اللحظات التي مرت على عمر هي لحظة سقوط بابا عمرو وارتكاب النظام الجرائم الفظيعة فيه ،لكن عمر تمالك نفسه وتعالى على الجراح ،وخرج على الهواء بالرغم من ذرف الدماء من عيونه الجميلة حزنا على حمص واهلها مدينته ومسقط راسه.
يقول عمر في حديث بتاريخ 18 ايار مايو2012 لــ”زمان الوصل” عن السبب وراء زيارته لمدينة حمص، ” بان زيارته لمدينته والذي خرج منها فارا من بطش النظام لم تكن تخدم أي هدف سياسي او جهة ما بل كانت لا حساس لطالما راودنه وهو اننه يجب ان اكون موجودا بين فترة وأخرى في الداخل السوري ” .
و الزيارة كانت جدا مفيدة ، ونتائجها كما لاحظ وأفضل من المتوقع، ربما كان الهدف السياسي الوحيد من وراء عودته هو احساسه بأن الشارع السوري اصبح تحت سيطرة تيار واحد فقط ولهذا طبعا ليس في صالح الثورة ولا مستقبل اولادنا “.
يكتب إدلبي ذات مرة تعليقا على ” فيس بوك ” قيام بعض المعارضين السوريين بكتابة “انقلع ” بأطباق الرز بحليب، إنه يتمنى أن يدخل إلى سوريا وينال أكبر هذه الكاسات.. وقد تحقق حلمه عندما استقبله أحد الناشطين لدى عبوره الحدود اللبنانية في منطقة القصير، حاملا طبق الرز بحليب التي أعدتها له عائلته بعدما أعجبهم تعليقه.
واكتب له وهو في الداخل متوقعا ان يكتب لي على الفيس بوك من حمص ومن احيائها المهدمة: ” باب هود والبياضة وبابا عمر وباب سبع وحمص القديمة والقصير وكرم الزيتون “، التي تغيب عنهم الخدمات الحياتية والنت ،ولكن في خيالي الفيس بوك من خلال الحوار التالي :
– عمر تحية وبعد عندما شاهدتك على شاشة الجزيرة الاسبوع الماضي من القاهرة لم اكن مرتاح لمغدرتكم لبنان لأننا اعتدنا على وجودكم الدائم في بيروت بالرغم من كل الخطر الذي يكمن في توجدكم في بيروت لكن احسست باليأس
–عمر إدلبي
لا استغني عن بيروت
لن أغيب عنها طويلا
دمت بخير يا صديقي
و على أمل اللقاء
نامل قدومك بظروف اخرى وان تكون سفير سورية الحرة في عاصمة العروبة جارة دمشق الحرة ،عاصمة الامويين والتاريخ العربي القديم وقلب العروبة النابض.
-اخي عمر لقد خيب العالم كله امل الشعب السوري لم يبقى سوى الاعتماد على نفسه لانه العالم متامر كله عليه
غيبت امل المت يخيم على بابا عمرو ولا نعرف ماذا نعمل كلنا انتظرنا يوم اصدقاء سورية لاخ قرارات مهمة ومصيرية لا نلومكم انتم في مازق لانهم هم الخبثة والقهرين والمتآمرين على شعبنا في سورية فشلوا في الممرات الانسانية التي يطلبها الاهالي لدفن موتاهم وتضميد جرحاهم وحليب لا طفالهم ………لا ندري ماذا نفعل يا اخ عمر المصيبة كبيرة جدا،
-عمر إدلبي
-أهلا أخي خالد ..
من البداية كنا نعلو أننا وحيدون … و عملنا على هذا الاساس … و لن نتراجع ..
بيروت هذه الأيام خطرة جداً … منذ أيام هناك تحركات مريبة … الله يستر
–اخي عمر نعرف بان بيروت خطرة ووجودكم فيها هو الخطير وطبعا منذ البداية شعب سورية وحده في النار والذي يؤالمني، باني منذ الصباح التقيت بنساء من مدينة حمص في احدى مدن لبنان، يشحذون من الجوامع ،لقد بكيت واخذتهم الى احدى الجمعيات وقلت لهم لا تشحذوا اذهبوا، وخذوا حقوقكم المودوعة هنا، مع هذه الجمعيات التي تهتم بوضعكم …بكوا ايضا وقالوا لي بانهم من حمص ولم يتعودوا فعل هذا من قبل لكن اطفالهم جائعة ولا يعرفون ماذا يفعلوا ،حتى قوات المراقبين الدولية ” قوة 300 ” لم تستطيع اعادتهم الى بيوتهم المهدمة ،او وقف اطلاق النار، وانهاء القتل ولا حتى جثت الموتى التي تسرق وتمنع من الدفن.
-اخي عمر انا اعلامي كما تعلم ومن اليوم الاول للثورة السورية اكتب لأني مؤمن بها ،بل انا اكتب في المواضيع الروسية والسورية لعدة مواقع الكثر ونية وجرائد مكتوبة، لكن الوضع خطير ومقلق
-اخي عمر تحية طيبة لك ولأبطال الثورة السورية العظماء سؤال هل صحيح بان هناك انقسام وخلخلة في داخل جسم المجلس الانتقالي كما يروج له ودعاية اسدية جديدة ،نحن بحاجة للتوحد وليس للتشعب لان المرحلة قاصية ومصيرية بالنسبة لنا جميعا واملنا عليكم يا اخي ….
-عمر إدلبي
نعم للأسف .. .المجلس يتعرض لهزة قوية في هذه الأيام للأسف .. و عي محصلة شهور من التعامل مع المجلس من قبل الكثيرين على أنه واجهة يعرضون فيها أنفسهم لا قضية وطنهم … و يعملون فيع لأنفسهم لا لبلدهم المنكوب و ثورة شبابه …
و تجري الآن محاولات جادة لإعادة هيكلة المجلس و بناء مؤسساته بجدية …
ان شاء الله تكلل الجهود بالتوفيق
-مؤسف جدا ولكن هذا الوقع المر وعلينا تقبل الحقيقة نتمنى لكم الانتصار على كل العقبات التي تحاول ان تتني الثورة السورية عن مشروعها الاساسي ….لان النصر او الشهادة هو الطريق الوحيد امام الشعب السوري والمنطقة العربية
صديقي عمر ….مبروك على ثورتكم الشجاعة ،مبروك لشعب سوريا البطل ،العام الاول من استمرار الثورة ضد ابشع نظام راديكالي شمولي في العالم لقد الشعب السوري الخوف ليكونوا مدرسة مستقبلية في تدريس هذا الصمود والاصرار العنيد لنيل الحرية امام جبروت ووحشية عصابات الاسد , نتمنى وايكم الوصول الى النصر القريب باقل خسائر ممكنة النصر لشعب سوريا العظيم المدافع عن هوية الامة العربية كلها من خليجها الى محيطها .
-عمر إدلبي
شكراً على التهنئة أخي خالد
هي ثورتنا كلنا … و آمل أن نتائجها ستكون خيراً علينا كلنا
-اخي عمر ….سؤال ل؟؟؟لماذا هذه الاستقالات الجماعية من المجلس الانتقالي؟؟؟ وما اهميتها وما مدى انعكاساتها على الثورة السورية ؟؟؟لأننا اضحينا في قلق حقيقي بالرغم من المعرفة المسبقة للمعارضة السورية وتركيبتها ،وللأسس الديمقراطية .لكننا نخاف على مستقبل الثورة بعد خذلان العالم لنا ….وانت ايضا خارج اطار هذا المجلس كما علمنا ……او هذا تحرك سياسة جديد للمعارضة السورية …له حساباته وابعاده الداخلية والخارجية ….اشرح لي لو سمحت بالرغم انني اعلم ليس لديك الوقت الكافي لكننا مطرون بمعرفة ماذا يدور حولنا….
-عمر إدلبي
بالنسبة لي جاء انسحابي لأني لم أعد قادراً بعد كل محاولاتي على التأثير بمسار المجلس السيء جداً و الذي لم يعد ممكناً السكوت عنه … و ليس بذهني إطلاقاً أي تموضع جديد ضمن أي تكتل سياسي … أريد العودة بكل طاقتي للعمل من خلال لجان التنسيق المحلية كتشكيل ثوري … لا شيء آخر …
الآخرون (المنسحبون) يتحركون منذ فترة لتشكيل اطار سياسي بديل … تحركاتهم كانت بخجل .. و عندما ارتفعت اصوات ثوار الداخل ضد المجلس وجدوها فرصة مؤاتيه ..
أعتقد أن تحركهم مضر جداً بالثورة و ليس في المجلس فحسب (فيما لو نجح أصلاً) ..
و لا أظنه سينجح
-اخي عمر: مساء الخير او صباح الخير لا يهم المهم انت تكون بخير:
انا مسرور جدا بكوني لازال اشهدك وعلى الشاشة ،وسعيد بسماع صوتك بظل الظروف الصعبة التي تمر بها الثورة السورية ،وشعب سورية البطل .
كنت اراك على الشاشات من لبنان ومن القاهرة ،ولكن لم اتوقع ان اسمع صوتك من حمص الابية حمص والصمود ،لقد سرني هذا الخبر ورفع معنوياتي .اتمنى لك كل الخير واقول لك انتبه لنفسك يا صديقي نحن بحاجة لأمثالك ولشجعتكم التي لم تعد تعرف حدود سورية بحالة لكم يا ابطال .انت حماة العرب والعروبة الجدد انتم امال العرب والعروبة …اذا انتصرت سورية الثورة وانشاء لله منصورة فيكم ،انتصرنا واذا لا قدر الله فحن ذاهبون الى الهلاك جميعنا ..انتبه لنفسك يا بطل في زمان البطولة اضحت نادرة .
لكن والحوار لم يتحقق وعمر اضحى وفي والداخل وفي حمص ومن يقود المظاهرات من ساحات الثورة الى جانب خالد ابو صلاح وعبد الباسط ساروط وهادي العبدالله وعبد الرزاق طلاس وكل جنود الثورة المجهولين في حمص وسائر سورية المطالبة بالحرية ،والتلفزة تبت صوره من الميادين ولم يعد ضيفا في الاستديو هات بل اضحى مصدرا للخبر لأنه هو احدى صانعي هذه الثورة لأنه مواطن سوري يطالب بالحرية من بين كل الثائرين .
انت البطل الحقيقي يا عمر ،انت المغوار الحمصي ،انت الثائر المناضل ،انتبه لنفسك الله يحميك ،سورية بحاجة لك ولكل ابطالها لان درب النضال طويل الثورة وبحاجة ولك يا عمر لا نك بطل من هذا الزمن الوسخ.
*كاتب إعلامي، ومختص بالإعلام السياسي والدعاية.